Yarqh

من البيروقراطية إلى الذكاء الاصطناعي

مقدمة





في عصر تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، أصبح التحول الرقمي ركيزة أساسية لإعادة تشكيل العمل الحكومي. فقد ولّت الأيام التي كانت فيها الإجراءات البيروقراطية المعقدة تعيق تقديم الخدمات الحكومية، لتحل محلها تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة التي تعزز الكفاءة وتُحسّن تجربة المواطن. في هذا المقال، نستعرض كيف ينتقل العمل الحكومي من البيروقراطية التقليدية إلى عصر الذكاء الاصطناعي، وما الفوائد والتحديات التي ترافق هذا التحول.

 

1. مفهوم التحول الرقمي في العمل الحكومي:

























التحول الرقمي في الحكومة يشير إلى ⇓
استخدام التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي، البلوكشين، البيانات الضخمة، والحوسبة السحابية، لتحسين الأداء الحكومي وتقديم خدمات أكثر كفاءة وسهولة. يتجاوز هذا المفهوم مجرد رقمنة العمليات الورقية، ليشمل إعادة تصميم العمليات والخدمات الحكومية لتكون أكثر استجابة لاحتياجات المواطنين.

 

2. كيف يعيد التحول الرقمي تشكيل العمل الحكومي؟



























أ. تقليل التعقيد البيروقراطي

















الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية تساهم في تقليل الإجراءات اليدوية والروتينية، مما يقلل من التعقيدات البيروقراطية التي تؤدي إلى تأخير الخدمات. على سبيل المثال، في السابق كان المواطنون يضطرون إلى زيارة العديد من المكاتب الحكومية لإتمام معاملة بسيطة مثل استخراج رخصة قيادة، حيث يتوجب تقديم الأوراق يدويًا والانتظار لساعات أو حتى أيام. أما اليوم، فقد تم استبدال هذا النظام “بمنصة أبشر” التي تتيح للمواطنين إتمام المعاملات إلكترونيًا في دقائق، دون الحاجة إلى التنقل بين الدوائر الحكومية. مثال آخر هو نظام الدفع الإلكتروني للرسوم الحكومية الذي ألغى الحاجة إلى الانتظار في الطوابير لدفع الفواتير.










ب. تعزيز الشفافية والمساءلة 
















تعد البيانات المفتوحة أحد الأدوات الفعالة لتعزيز الشفافية والمساءلة في العمل الحكومي، حيث تتيح للحكومات نشر البيانات العامة وتمكين المواطنين من الاطلاع عليها وتحليلها. على سبيل المثال، يمكن نشر بيانات الميزانية العامة، والمشتريات الحكومية، والإنفاق الحكومي على منصات إلكترونية متاحة للجميع، مما يسمح للمواطنين والصحفيين والباحثين بتتبع أوجه الإنفاق الحكومي والكشف عن أي مخالفات محتملة.













ج. تحسين تجربة المواطن















الذكاء الاصطناعي يمكّن الحكومات من تقديم خدمات مخصصة للمواطنين بناءً على احتياجاتهم الفعلية. على سبيل المثال، يمكن للأنظمة الذكية تقديم توصيات للخدمات الحكومية بناءً على البيانات الشخصية، مما يجعل تجربة المستخدم أكثر سلاسة وفعالية. مثال عملي هو استخدام روبوتات الدردشة الذكية التي توفر إجابات فورية للمواطنين عن استفساراتهم دون الحاجة إلى الانتظار في مراكز الاتصال.













د. تحسين اتخاذ القرار













من خلال تحليل البيانات الضخمة، يمكن للحكومات اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية. فالتحليلات المتقدمة تساعد في التنبؤ بالمشكلات واتخاذ إجراءات استباقية لحلها، مثل التنبؤ بحالات الطوارئ الصحية أو الأزمات الاقتصادية. مثال على ذلك هو استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لمراقبة البيانات الصحية وتوقع انتشار الأمراض واتخاذ التدابير اللازمة قبل تفاقمها. كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تحسين سياسات تملك المواطنين للمنازل، حيث يتم تحليل بيانات الدخل، وأنماط العرض والطلب، وتقديم حلول ذكية مثل برامج التمويل العقاري المناسبة لكل مواطن بناءً على وضعه المالي، مما يسهم في تسهيل حصول المواطنين على مساكن بأسعار مناسبة.

 

3. التحديات التي تواجه التحول الرقمي في العمل الحكومي:






















أ. مقاومة التغيير













غالبًا ما تواجه عمليات التحول الرقمي مقاومة من الموظفين الذين اعتادوا على الطرق التقليدية للعمل. لذا، يجب تبني برامج تدريبية لتعزيز الوعي بأهمية التحول الرقمي وتمكين الموظفين من استخدام التقنيات الحديثة.





ب. الأمن السيبراني










مع زيادة الاعتماد على التقنيات الرقمية، تزداد مخاطر الهجمات الإلكترونية التي تهدد بيانات المواطنين. لذلك، يجب أن تستثمر الحكومات في تعزيز الأمن السيبراني لضمان حماية المعلومات والأنظمة الرقمية.









ج. البنية التحتية التقنية













يتطلب التحول الرقمي بنية تحتية قوية تتضمن شبكات إنترنت عالية السرعة، مراكز بيانات متطورة، وأنظمة تشغيل متقدمة. لذلك، تحتاج الحكومات إلى استثمارات ضخمة في تطوير البنية التحتية التقنية لدعم هذا التحول.













4. أمثلة عالمية على نجاح التحول الرقمي في الحكومات:




























إستونيا ⇓









تُعد إستونيا من الدول الرائدة في التحول الرقمي، حيث تقدم أكثر من 99% من خدماتها الحكومية عبر الإنترنت.
سنغافورة ⇓
تعتمد الحكومة السنغافورية على الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة، مثل تحليل البيانات الصحية لتحسين الرعاية الطبية.
دبي ⇓
أطلقت حكومة دبي مبادرة “المدينة الذكية” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبلوكشين لجعل الخدمات الحكومية أكثر كفاءة وسهولة.
السعودية ⇓
تعمل المملكة العربية السعودية على تحقيق رؤيتها 2030 من خلال العديد من المبادرات الرقمية، مثل “منصة أبشر” التي توفر أكثر من 280 خدمة إلكترونية للمواطنين والمقيمين، و”منصة نفاذ” التي تسهل الوصول الموحد للخدمات، بالإضافة إلى “سدايا” التي تقود تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في المملكة لتحليل البيانات الضخمة وتحسين الخدمات الحكومية

مشاركة المقال